2012/10/01

الهيمنة السياسية على القرار النقابي : من المتهم: السياسة أم الاتحاد؟


الهيمنة السياسية على القرار النقابي : من المتهم: السياسة أم الاتحاد؟

الشروق التونسية : الأحد 30 سبتمبر 2012 الساعة 11:02:27 بتوقيت تونس العاصمة


Slide 1
هل يمكن الحديث فعلا عن تجاذبات سياسية داخل الاتحاد العام التونسي للشغل وداخل هياكله وما حقيقة اتهام الهياكل النقابية بأنها هياكل مسيّسة تحكمها اليوم أجندات سياسية واضحة؟

لا يمكن الحديث عن الاتحاد العام التونسي للشغل وعن الفعل السياسي داخله دون الحديث عن تاريخ الاتحاد..
لكن هناك تعريف واضح يمكن الانطلاق منه عند طرح هذه الاشكالية وهو تعريف كثيرا ما كان يتردد على لسان كل الامناء العامين الذين تعاقبوا في العقود الأخيرة على قيادة المنظمة. التعريف يقول إن الاتحاد العام التونسي للشغل ليس مجرد منظمة نقابية بل هو منظمة وطنية يهمها ويعنيها الشأن العام والشأن الوطني وبالتالي الشأن السياسي في البلاد.

لقد كان الاتحاد العام التونسي للشغل منذ تأسيسه في سنة 1946 في عمق الفعل السياسي وكان الاتحاد مناضلا من أجل التحرر الوطني الى جانب نضاله من أجل حقوق العمال ومع الاستقلال كان الاتحاد أحد أهم وأبرز بناة الدولة المستقلة واستعانة السلطة  السياسية حينها بالكوادر النقابية لتسيير دواليب الدولة وتشكيل الحكومة.
وفي الستينات تبنت الدولة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي قدمه وأعده الاتحاد العام التونسي للشغل وقبله في سنة 1958 تبنت الدولة البرنامج التعليمي الذي أعدته جامعة التعليم بالاتحاد العام التونسي للشغل وعرف حينها ببرنامج «محمود المسعدي» الذي كان مسؤولا نقابيا قبل ان يكون وزيرا للتربية والتعليم.
وعلى امتداد سنوات كان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل المرحوم الحبيب عاشور عضوا في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم وكان عاشور محسوبا على شق وسيلة بورقيبة وكان حينها الشق المهيمن سياسيا.

أزمة 1985

لكن بعد أزمة 1985 وبعد مؤتمر سوسة 1989 تغيّر وقع التجاذبات السياسية داخل الهياكل النقابية وتحوّلت النقابات الى ملاذ للتيارات السياسية الممنوعة من النشاط العلني وهو وضع تواصل أكثر من 20 سنة الى حد ان الكثير من المؤتمرات النقابية الانتخابية كانت تخضع للوفاق السياسي او للمحاصصة السياسية ومنها نقابات التعليم والصحة والبريد.

تجاذبات

لكن السؤال الذي يطرح اليوم هو هل ان القرار النقابي يخضع للتجاذبات السياسية؟
هناك اتهامات توجه الى النقابات وإلى الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الاتجاه وهناك اتهام بأن الاتحاد تحت سيطرة تيارات يسارية؟

من المنطقي جدّا أن لعدد من أعضاء المركزية النقابية انتماءات سياسية معروفة حتى قبل انتخابهم لكن القرار النقابي لا يزال بعيدا عن تلك التجاذبات، هناك تقليد نجح اتحاد الشغل في ترسيخه وهو انه بالرغم من قوة التجاذبات السياسية داخله الا ان الفعل النقابي ظل خارج دائرة الانتماء السياسي والقرار النقابي يخضع فقط للتوازنات النقابية.
هناك حقيقة واضحة الآن داخل الاتحاد العام التونسي للشغل وهي ان الفعل السياسي لا يمكن له في كل الحالات التغلب على الفعل النقابي وعلى القناعة النقابية لكن الوزن الثقيل للمنظمة النقابية يجعلها صاحبة تأثير كبير على الشأن الوطني بالرغم من اعلانها المتكرر بأنها غير معنية بالمشاركة في أية حكومة وأن الاتحاد غير معني أيضا بالمشاركة في الانتخابات لكنه معني بإعلان موعدها وتنظيمها بكل شفافية ونزاهة.. يمكن الحديث عن انتماءات سياسية داخل الهياكل النقابية لكن لا يمكن الحديث عن سيطرة تلك الانتماءات على القرار النقابي الذي تحدده ضوابط وقواعد أخرى قد تكون غائبة عن العديد من المتتبعين للشأن العام اليوم..

وربما ساعدت التحركات النقابية والعمالية المتواصلة والمستمرة على توجيه الاتهام الى الاتحاد العام التونسي للشغل بأن قراراته تخضع للتجاذبات السياسية داخله ولكن كل تلك التحركات انطلقت أساسا من مطالب اجتماعية ومهنية لتجد نفسها بعد ذلك تحت ظل تجاذبات سياسية تحكم الشارع الآن ومنذ 14 جانفي.
إن محاولات «البعض» لحصر اتحاد الشغل في دائرة العمل النقابي بمفهومه الضيق هي محاولات حتما فاشلة لأسباب كثيرة أهمها تاريخية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق