2010/09/16

الجوانب القانونية للتفاوض الجماعي في المؤسسات العمومية


الجوانب القانونية للتفاوض الجماعي في المؤسسات العمومية

إعداد: المنجي طرشونة، أستاذ تعليم عالي

شكّلت المنشآت العمومية بعد الاستقلال الإطار الذي حاولت الدولة من خلاله تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية بحيث أخذت الدولة على عاتقها عند تونسة الاقتصاد أهم القطاعات التي كانت بيد الأجانب وذلك في غياب رؤوس أموال وطنية بإمكانها تحقيق ذلك.
وكان الهدف الأساسي للدولة آنذاك هو النهوض بالاقتصاد الوطني من جهة وخلق أقصى ما يمكن من مواطن شغل من جهة أخرى فالتجأت على تشجيع الخواص على الاستثمار في الميدان الصناعي وإلى خلق المنشآت العمومية التي لعبت دورا أساسيا في النهوض بالاقتصاد الوطني وتدعيم التشغيل، ذلك أنه في بداية المخطط السابع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (1987-1991) كان القطاع العام يحقق أكثر من ثلث الاستثمارات وشغّل قرابة عشر اليد العاملة النشطة ويوزع ما يقارب ثلث حجم الأجور العامة. إلا أن المنشآت العمومية تميزت في الكثير منها بعدم التوازن المالي لأسباب منها ما يتعلق بالتصرف وعدم الاعتماد على معايير علمية ومنها ما كان نتيجة قرارات السلط العمومية في إطار السعي لتحقيق أهداف اقتصادية من جهة وذلك باستعمال المنشآت العمومية كوسيلة للتحكّم في الأسعار وأهداف اجتماعية من جهة أخرى وذلك بخلق مواطن شغل بقطع النظر عن مردوديتها.
وكانت الدولة تتحمل أعباء مالية ضخمة لتحقيق توازن المنشآت العمومية وقد ساهم المحيط الاقتصادي الملائم في التسعينات المتمثل أساسا في الأرباح التي تحققها الدولة من القطاع النفطي في سدّ العجز المالي لتلك المنشآت ولكن في الثمانينات ومع تراجع عائدات النفط وأمام تزايد عدد المنشآت العمومية التي بلغت سنة 1986 أكثر من 500 وتفاقم عجزها التجأت الدولة إلى الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية لتفادي العجز إلا أن هذه المؤسسات تقدم قروضا مشروطة أساسا بإعادة هيكلة الاقتصاد وتخلي الدولة تدريجيا عن المؤسسات التي تنتمي إلى القطاع التنافسي مما يفسّر صدور قانون 1 فيفري 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية كما وقع تنقيحه وإتمامه بمقتضى القانون عدد 102 المؤرخ في 1 أوت 1994 والقانون عدد 74 المؤرخ في 29 جويلية 1996 وقد أصبح قانون فيفري 1989 الذي ألغى قانون 2 أوت 1989 المتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات العمومية يشكّل الإطار القانوني لعمليات إعادة هيكلة المنشآت العمومية وخوصصتها.
وقد عرّف الفصل 8 من قانون 1989 المنشآت والمؤسسات العمومية على النحو التالي:
-       المؤسسات التي لا تكتسي صبغة إدارية والتي تضبط قائمتها بأمر.
-       الشركات التي تمتلك الدولة رأسمالها كليا.
-       الشركات التي تمتلك الدولة أو الجماعات العمومية المحلية أو المؤسسات العمومية أو الشركات التي تمتلك الدولة رأسمالها كليا، أكثر من 50% من رأسمالها.
-       البنوك وشركات التأمين التي تمتلك الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة 34% أو أكثر من رأسمالها.
فيما يخص العلاقات المهنية، تجدر الإشارة إلى خضوع عمال المنشآت العمومية إلى أحكام مجلة الشغل بناء على مقتضيات الفصل الأول من هذه المجلة الذي جاء فيه " تنطبق أحكام هذا القانون على محلات الصناعة والنجارة والفلاحة وعلى توابعها، مهما كان نوعها، العامة أو الخاصة..." وكذلك على مقتضيات الفصل 3 من قانون 5 أوت 1985 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدواوين والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية والشركات التي تمتلك الدولة أوالجماعات العمومية رأسمالها بصفة مباشرة وكليا والمنقّح والمتمّم بقانون 3 أفريل 1989 حيث لا يزيح القانون الأساسي تطبيق أحكام مجلة الشغل ما لم تكن مخالفة له وفي كل ما لم يتعرّض إليه هذا القانون، كما أن القوانين الأساسية الخاصة بالمؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية لا تزيح تطبيق أحكام مجلة الشغل.
وتجدر الإشارة إلى أن المنشآت والمؤسسات العمومية تتميّز بالتنوّع والتعقيد والتشتّت من حيث المصادر القانونية المتعلقة بتنظيم العلاقات المهنية بحيث ترضخ هذه المؤسسات وعددها 171 إلى النظام الأساسي العام وتنطبق عليها أحكام مجلة الشغل في كل ما لم ينظمه هذا النظام والمبدأ أن كل مؤسسة عمومية ترضخ إلى النظام الأساسي العام يطبّق عليها نظام أساسي خاص بعد التفاوض في شأنه والمصادقة عليه بأمر، ومن مجموع 171 مؤسسة عمومية 111 لها نظامها الأساسي الخاص مصادق عليه بأمر و39 مؤسسة ليس لها نظام أساسي خاص كما توجد مؤسسات لها نظام أساسي خاص ولكن غير مصادق عليه وعددها 5 زيادة على ذلك توجد مؤسسات ترضخ إلى اتفاقيات خاصة مصادق عليها وعددها 12 ومؤسسات أخرى وعددها 3 لم تقع المصادقة على الاتفاقيات الخاصة بها، ويمكن تقسيم هذه المنشآت العمومية إلى نوعين:
-       منشآت تمتلك الدولة رأسمالها كليا منها المنشآت التي تسدي خدمات ذات مرفق عمومي.
-       المنشآت ذات رأس المال المختلط.
وتمثل المنشآت العمومية ما يقارب 10% من النسيج الاقتصادي وتسدي ما يقارب 20% من جملة الأجور وهذا ما يفسّر أهمية التفاوض الجماعي بالنسبة لهذه المؤسسات منذ التسعينات حيث مثل هذا التفاوض أنموذجا للقطاع الخاص وذلك لما تتمتّع به هذه المؤسسات من حضور نقابي وهيكلة نقابية (134 مؤسسة مهيكلة نقابيا).
إلا أنه بالرغم من مرور أكثر من ثلث قرن منذ انطلاق المفاوضات الجماعية في القطاع العام ما زالت هذه المفاوضات تفتقد إلى التنظيم المحكم من حيث إجراءاتها ودوريتها وتوحيد أسسها العامة خاصة وأن سياسة خوصصة المؤسسات العمومية أضفت على المفاوضات الجماعية في هذا القطاع أكثر ضبابية وتشتّت.
لكل هذه الأسباب فإن كل تفاوض جماعي في المؤسسات العمومية لا يكون ناجعا إلا بعد هيكلة المفاوضات الجماعية سواء من حيث مستوى المفاوضات أو من حيث مجالها أو من حيث دوريتها وعلى هذا الأساس يمكن حصر استراتيجية التفاوض المنظم بالقطاع العام في النقاط التالية:
1- قبل الدخول في المفاوضات الخاصة بكل مؤسسة من المستحسن العمل على إرساء اتفاق إطاري عام يضبط بدقة إجراءات التفاوض وأساليبها وضبط خطوطها العريضة خاصة بالنسبة للأحكام غير المالية.
2- التركيز على المؤسسات التي لا تتمتّع إلى حد الآن بنظام أساسي خاص أو التي لم تصدر في شأنها أوامر المصادقة على قوانينها الأساسية وكذلك الشأن بالنسبة للمؤسسات التي ترضخ إلى اتفاقيات خاصة ولم تقع المصادقة عليها.
3- العمل على المصادقة على التنظيم الإداري والمالي وأساليب التسيير وعلى الهيكل التنظيمي الخاص بالمؤسسات التي ما زالت تفتقد لهذه المصادقة ولهذا العمل أهمية كبرى بالنسبة لتنظيم المفاوضات الجماعية في المؤسسات العمومية.
4- العمل على إدراج مبادئ أساسية وآليات في المفاوضات الجماعية تتعلق بسياسة التخصيص.
5- العمل على تشريك النقابات في اتخاذ القرارات المتعلقة بتطهير المؤسسات وبإجراءات التفويت فيها وذلك عبر التفاوض الجماعي الحر والمسؤول حتى تتفادى الإضرابات والاعتصامات للدفاع عن مواطن الشغل ومكاسب المجموعة الوطنية.
6- تنظيم التفاوض الحر بالنسبة لكل مؤسسة عمومية خاصة بتشريك النقابات الأساسية في إعداد ومراجعة القوانين الأساسية مع التركيز على خصوصيات كل مؤسسة فيما يتعلق بهيكلة الأجور والمنح والعمل غير القار وتشريك ممثلي العمال داخل مجالس إدارة المؤسسات العمومية في القرارات المصيرية المتعلقة بها.
7- العمل على إدراج أحكام دقيقة بالنسبة لكل مؤسسة تتعلق بالحفاظ على المنافع والحقوق المكتسبة عند مراجعة القوانين أو الاتفاقيات الخاصة أو عند القيام بعمليات التخصيص بعد التفاوض في شأنها من حيث المبدأ ومن حيث الإجراءات./.   

ثقافة التفاوض

ثقافة التفاوض

الأسس العامة لثقافة التفاوض 

1- التركيز على حل المشاكل.
2- تنمية حاسة الإستماع الجيد للآخرين.
3- تعرّف طبيعة ملامح حوارية كثيرة:
  - أصول إقامة الحج وكيف نستخدمها إيجابيا لصالح التفاوض.
  - تعرّف وظائف الصمت في الحوار التفاوضي.
  - تعرّف الإستخدامات الإيجابية لعامل الوقت.
  - تجنب الأسلوب غير المباشر في الأمور التي تحتاج إلى توضيح دقيق.
4- تجنب أساليب المغالطات والدفاع عن الأوضاع الخاطئة.
5- تجنب التقوقع داخل الذاتوالخوف من المواجهة الإيجابية مع الآخرين.
6- إنتهاج مبدأ "تحقيق الممكن" .
7- تجنب التفكير الأحادي لأنه يجعل المتحاور سجين فكرة واحدة.
8- أهمية تحديد النقاط التي يمكن التفاوض بشأنها.
9- أهمية تحديد أهولويات التفاوض.
10- أهمية تقييم الموقف التفاوضي.
11- تجنب سوء سوء الظن بالآخرين والوقوع في براثن التفكير التآمري.
12- تعرّف وظائف وآليات الأسئلةتماما بهدف الإستفادة من دورها في إنجاح العملية التفاوضية.
13- مراعاة أسلوب وطريقة الحوار مع الآخرينوالملائمة للسياق.
14- مراعاة كم المعلومات التي يلقى بها في ساحة الحوار.
15- أهمية توثيق أحداث التفاوض في المجالات المختلفة ومقارنتها بالأهداف عند بدء الدخول في التفاوض.

فرحات حشاد


الحبيب عاشور


أحمد التليلي


محمد علي الحامي